عذرا .. الموضوع كئيب و متشابك و تائه جدا
.. لذا هذا الصورة مني لكم اعتذارا على ما قد يتلصق بكم من هذا المقال
.....
أن يكونوا بهذا القرب منك .. لهو أمر مكهرب للغضب
.. و ان كان قلبك من" تـلج" كما تقول هيفا واوا اح
مسالمتك .. وداعتك .. أو أيا كانت الصفة اللطيفة التي تتصف بها
فهي تتلاشى.. بجانبهم ..إن قربهم يؤجج ناراً ذات رائحة سوداء
لا أدري لما لم أبدء بالتسلسل يوميات سفري
!
الظاهر ان محاولاتي لتجاهل الامر .. فشلت .. و طفقت مني مشاعري
.. رغم استغرابي منها .. الا انها مبررة أشد التبرير
في طابور طويل جدا .. عاث في نظامه بعض المتحذلقين
.. مجبريني على البحلقة فيهم ! اقدس الطوابير
ترى ذلك الفوج الكبير
.. دثارهم الظلام .. و الحشمة طاغية على نسائهم و حتى الصبايا الصغار
لا ترى الا العفن !! ينضح منهم !! و لا تستنكر على نفسك اشمئزازها
تشعر بأن رقبتك تطول لسبب دفين
!
تشعر .. بأن الخناجر كان لازما عليها ان تتوافر في هذه اللحظة
.. كي تحقق المجزرة الكبرى
كانوا أقرب من القرب فيزيائيا .. و هالني ذلك الحقد الذي أشعر به لأول مرة في حياتي كلها
لم اعرف للكره معنى الا في تلك الساعة
.. أكره زرافا من الخلق .. دون ان ينطقوا بكلمة واحدة
كيف ذلك ؟؟ و لما ؟؟
وقف بجانبي متظاهرا اللامبالاة .. و معه قطيع كبير من جماعته
... بقبعات كبيرة .. و كما قلت حشمة مميزة
لا ادري لما انظر لهم بتحدي !! انا المهزومة !! و هم المنتصرون .. حتى حين
:)
كان العرب كلهم .. ينظرون بنفس نظرتي تقريبا
.. كلنا طالت رقابنا فجأة زهوا بلا شيء يدعو للزهو
يهود .. نحن محاطون باليهود !! حتى استلام الحقائب
من المستحيل أن القى تفسيرا لزخم الاحساس الذي راع وجداني
.. نعم أكرههم .. كرها شخصيا و عاما بنفس الوقت
.. رغم ان هذا الكائن بالذات لم يتصرف أي تصرف تجاهي
.. الا انه صرح بطاقيته و رائحة الموت التي يسكبها في كل لحظة على فلسطين الجريحة
.. انه مجرم .. بانتمائه ..
.
.
ذكرى الغزو العراقي الغاشم على كويتنا الأغلى ..
في مثل هذا اليوم .. بالتحديد .. في فجره .. بيتنا في مشرف .. استيقظنا على صوت اتصال خارجي ..
صديقة والدتي في لندن .. تقول .. صدام دخل الكويت
لم تصدق امي .. و تجاهلت تحذيرات صاحبتها
وقفت على النافذة .. و عمري 6سنوات .. انظر للطائرات الحربية
.. و علم لا اعرفه مطبوع على قاعدتها
و كوني متخرجة من الروضة .. و بحر معلوماتي يصل الى حد تمييز علم بلادي
.. قلت لأمي .. مو علم الكويت
عاش اغلب الكويتيون بداية هذا اليوم بطبيعية .. اما انكارا للواقع او للجهل به
!
حتى ان امي ذهبت للعمل و استوقفها سكرتير لا زالت تذكره بالخير
.. يرجوها ان تعود فالمكان خالي و يخشى ان يدخله الغزاة الهمج كونه تابع للداخلية ..
والدي العسكري .. وصلته الاخبار و هو في الطريق
.. لا تأتي للمعسكر .. فقط احتله أخواننا في الدين ..
!!
لا اذكر الكثير .. حرق والدي لكل اثباتاتهم .. و اخفاء والدي لأسلحته في فتحة التكييف
.. و توصياته اليومية ان لا اتفوه بكلمة ان جاءت حملة التفتيش
.. قولي ابوي يشتغل مفتش مساجد .. !! بس انت ملازم أول
!
كان يسكن في الدور السفلي .. شيخ كبير و ابناءه .. كانت زوجته عراقية طيبة جدا
ألعب بالحديقة و اغني النشيد الوطني ..!! فيأتي ابنها الأكبر .. امي تبي تعطيج حلاو
!
خافت علي جنون العسكر من ابناء وطنها
!
اذكر انهم قتلوا طفلين .. لم يتجاوزا الرابعة عشر .. لانهم ضبطوا صبغ رش معهم
اذكر القاء والدي للباسه العسكري .. و اخبار اصدقائه تتلاشى يوما بعد يوم
اذكر اليوم الذي انتفض شباب القطعة .. لمسح علامة اكس
.. وضعها المجرمون على باب بيتنا و بعض الجيران كعلامة لخلو المنزل من السكان
.. و بالتالي نهبه
اذكر رحيلنا من مشرف لخلوها من السكان
.. و سكننا مع جدتي في السرة .. والدي في بيان عند عمي الكبير ..
اذكر قضاء المشاوير كلها مشيا
.. لان الغالبية رفضت تغيير لوحات سياراتها الى اللوحات العراقية
والدي في كل جمعة يأتي على الدراجة الهوائية .. من بيان الى السرة
!
اذكر صراخ جدتي على امي .. كي تترجم لها ما تقول اخبار السي ان ان بسرعة البرق
!
اذكر المموش .. و الاستحمام في بيت الجيران بكل بدائية
اذكر وصول اشرطة من خالتي في الخارج .. يطول نحيبها و تتحشرج الكلمات فيه
اذكر اختفاء خالي الأصغر .. و التزامه مع المقاومة
و الاخر في مركز للشباب لتوزيع الأغذية
.. كان يصلنا بالضبط ما يصل كل كويتي .. اساسيات فقط
حتى وصول بعض الكاكاو من خالتي التي استقرت في الرياض
و كان زوجها يدخل الى الكويت رغم خطورة الأمر كي يرعى أخواته و والدته
نعم .. سقطت قذيفة على جزء من منزلهم
.. لهذا وصلنا الكاكاو فقد قمنا بزيارتهم رغم بعد المسافة
كانت الوحشية .. ترى و تسمع
.. كانت الأحداث صعبة .. و مستحيلة ليس لأنها في غاية الاجرام .. و الكفر
بل لأن مرتكبيها .. كانوا في يوم سابق .. أخوة ! و لا زالوا حتى أثناء سفكهم لدمائنا
مسلمين
!
سخرية اليس كذلك ؟
بين الشموع التي أحرقت الأثاث
.. و محاولات خالتي لإعادة استخدام ما يذوب منها بفناجين القهوة
و عجنها لفطائر بالجبن ننتظرها على احر من الجمر
.. جاءت مكينة ديزل .. تبرعا من جار كريم
!
أذكر سوق دينا بقطعة 2 ..و صاحبه الكويتي الذي جعله مجاني
!
اذكر ارتفاع حرارتي و ايقاف شاب بدراجته الهوائية ليقلني الى البيت
و رغم المرض الا ان قصة حياتي كلها كانت عنده بمجرد الوصول
أوصاني ان لا اخبر الغرباء تفاصيل أسرتي
:)
اذكر اشتداد الأزمة .. و التفكير الجدي بالخروج
وقفت جدتي وقفة و رفضت اي محاولة للاقناع
لن نذهب الى اي مكان
كان الرجال يخشون حدوث شر أكبر في غيابهم
فالأخوة الجيران الزائرين
..بالغوا في نخوتهم و كرمهم و الرجولة كانت تضرب أروع الأمثلة
:(
تسخرت كل الظروف .. لك يا حبيبتي و لمن يعيش على أرضك
لم يذل الكويتي .. في أوج محنته
لأن الخير منك قد كان بطيب نية و اخلاص
و الدليل ..أن الأكل لم ينقطع و لم ينم أحد بالعراء
!
لا ادري .. لما ذكرت موقف اليهود في المطار في بداية هذا المقال ! الا انني عرفت الان
هناك من قتل جاري الطفل
.. و أسر ذلك الشاب صديق خالي الذي لم يهنأ برؤية ابنه
.. و اهان الجليل الطاعن بالسن .. و اغتصب فتاة ..
و شتت شملنا .. و حرق و دمر
!
و أراه اليوم .. يمر بنفس اللقطات التي باركها حين كانت تقع لي .. و لكل كويتي
رغم كل ذلك
أحزن لحاله .. و ادعوا الله ان يحقن دمه
و ذاك الذي .. بارك له العالم اجمع اغتصابه لأرض عربية
.. بل و سنت قوانين لحمايته و اضفاء الشرعية القصوى على انتهاكاته
.. احقد عليه و اكز اسناني غيضا عندما تلتقي الأعين
فكرة تائهة ضائعة ... تصارع احساس انساني طبيعي .. بأن يكره من اعتدى عليه
.. و احساس سامي نبيل جبل عليه المسلم .. و الكويتي الأصيل ..
اللهم احفظ الكويت .. اللهم احفظ الكويت .. اللهم احفظ الكويت
.. و جميع بلاد المسلمين ..
اللهم .. أعد الطيبة الى القلوب .. و أعد الصفاء الى الارواح
.. اللهم اشفع بالشهيد .. و فك قيد الاسير ..
وطني الكويت .. سلمت للمجد
رغم تكالب الاحقاد عليك يا درة
رغم افتراء انصاف العقول
تبقين مرآة نقية .. و ليزيد الملوثون تهكما و هجوما
حتى يخيل للجاهل .. أن الكويت هي الجاني
!
P.S
**** هناك فرق بين اليهود و الصهاينة .. لكن .. هم أشد اهل الكتاب كرها لنا