في طائرة هادئة على غير عادة الطائرات ... بدأنا الموعد مع صيف أبرد
عادات غريبة أتمسك بها ... حين أرغب في شيء بشدة ... أتصبر عنه حتى يحين أوانه
على كافة المستويات ... اتبع هذا النمط من السلوك ... أتشوق لإمتلاك أشيائي ... و بداية علاقاتي
و هذا ما كان مع الأديب امين معلوف قرأت عن انجازاته و نتاجاته
و سمعت تشجيعا حثيثا لزيارة عقله و قاومت كل فضولي .. حتى ما قبل السفر بيوم
و سافر معي ... ليون الافريقي ...و بدايات
كذلك غادة السمان التي سحرتني بجاذبية حرفها المطلق ... و طرحها الأجرء
رهيبة هي حين سكبت آراءها الحادة في غربة تحت الصفر
و لتسمح لي حين اقول .. شعرت بتقارب شديد بينها و بيني
!
نعود للطائرة ... و في كل صيف نختبر شركة طيران جديدة
و في كل مرة .. تستعر حرب مقارنة لا تهدأ بعد الوصول للوجهة
و في كل مرة .. اتحسر على خطوطنا الرائدة قبلا
و افخر بصمودها على الأقل حين تقبل عربة " المشروب" بكل انسياب
!
قائمة الغداء .. و كان اسم الطبق فاخر لدرجة يصعب معها نطقه
.. حين أتت مضيفتي قلت لها بكل ابتهاج
تاتاتا بوتيتو .. فانفجر اخي ضاحكا لاختراعي الوليد
و عدت لغادة ... وقد فاقت بتحليلاتها الذكية و نقدها لواقع كان
... و لا زال يكون ... كل توقعاتي
.
.
دائما حين افكر بكتابة قصة قصيرة ... يهمني ان تكون خارج اطار كل ما قرأت
دائما ارنو لحبكة مختلفة ... اتحدى فيها ذاتي و مخيلتي
و استشعرت أن الروائي المهم هو من يسقط حال مجمتعه ... و زمنه ... بكل وجعه و ألمه
على وريقات تشهد أنه كان بعقل حساس و روح حية ... يرسم زاوية نظره
.
.
معجبة منذ بداية العهد بالقراءة .. بأدباء الشام و مصر .. و حين قرأت لبعض الانتاج الأدبي هنا .. لم يملكني ذات الانبهار
وصلت لشبه قناعة ... أن البيئة عندنا غير ثرية ..و لا تستفز الخيال
و خفت من شبه القناعة هذي ... قد تكون قراءاتي غير موفقة
... لم يسقط في يدي سوا روايات محورها قصة حب
هل اختزل المجتمع الكويتي كله ... بهذا الفصل من حياة الإنسان ... فقط لا غير
؟ !
كثيرا ما شطح تفكيري .. لأيام الكويت القديمة .. بيوت الطين .. الفرجان
... حال بسيط ... و ثراء اجتماعي بأحداث و عبر
ياه لو كانت النساء وقتها يكتبن
!
ياه لو كنا أقرب اليوم
لمأساة البسطاء .. لطموح الكادحين .. و حتى لتلك القصور
.. فنكون شهود بشكل ما لمجتمع يصر على تصدير صورة من رخاء و ترف
.
.
انتهيت من ليون الافريقي .. و لم اغير نظرتي للأدب المترجم .. ايضا لخلل في جهازي العصبي
و بدأت في بدايات .. و تحسنت النظرة .. يعتمد بلا شك على المترجم
.
.
تذهب " غادة" لنفس المدن التي أزورها انا حاليا
عدنا لنفس الأماكن و لم يعرفنا فيها أحد .. سوى مدير مجمع سكني .. و صاحب مطعم لبناني
عشقنا الجلوس في محله النظيف جدا
.. المحافظ على هوية عربية- لن يلام لو تركها خلفه-في مهجره
.
.
.
في طائرتي الهادئة جدا .. اشتقت لتلك الطاولة فيه .. للموظف المصري خفيف الدم
.. لورق نعناع كثيف يغرقه في كوب شاي ضخم و اجبر لفرط ذوقه على قبول هديته
.. رغم علاقتي شبه المقطوعة بالشاي .. الا ان فنون الغيوم و رذاذ المطر على بعد زجاج نافذة
.. يلطفان هذه العلاقة بشكل ما .. اشتقت لكوب شاي هناك .. و شاورما لا اكلها هنا
هي الذكريات فقط من تجعل هذا الموقع بالذات
.. يلوح بكل قوة على ارتفاع ألوف الأقدام فوق سطح البحر
.
.
تتزاحم افكاري .. و كأنها مستدعاة للتجنيد .. مزهوة بطوعيتها .. و صفائها .. قد تراها مشتتة
و أراها عفوية عاصفة لذهن لم يتعب بقدر ما احتاج لانطلاق غير مدروس
.
.
بعد وصولنا .. و بلاإرادية تامة .. كان الجميع يصر على المرور باللبناني .. كما نسميه
هل أصبح كبيت الجد .. نرتمي في احضانه بعد سفر ساعات طوال .. المؤلم أن صديقي لم يكن هناك
و استبدل الشاي المُهدى .. بسبرايت مدفوع الثمن
;)
.
.